18‏/6‏/2010

صباحات



لا معنى لفنجان القهوة ، فلا رائحة له ولا طعم ، لا صوت العصافير ولا زقزقة الصغار ، لا جمال الوردة الجورية ولا رائحة الحبيب ، ولا نسيم صباحي يهز شجر الليمون ، لا شجر ليمون ، ولا  تساقط حبات التوت الشامي .
أطفيء النار ، تقذفني قدماي إلى شط العرب
لاصوت ارتطام  للأمواج  ولا رائحة للبحر تخترق الأنف  لتصل الدماغ ،  والزرقة أقرب إلى الرمادي ، هي لاتشبه زرقة البحر ولا زقة السماء
بعض الطيور ، فاقدة توازنها تعلو وتهبط في حركة لا معنى لها، لا البحر بحر ولا السماء سماء ولا أنت أنت أيها المتشرد ، لماذا لاتجمع ماتبقى لك من أشلاء في هذه الصحراء التي لا تتسع لضحكة طفل أو ظل امرأة ، وأنت تبعثر بقايا ذاكرة لا تعرف نعمة النسيان ، في صحراء لا تحرك شمسها اللاهبة صقيع العقل ، ماذا تنتظر أيها الصعلوك ..؟؟؟؟ أتنتظر أربعين...................
قف هنا أمام الرقم المقدس .... فأنت لا تصوم الأربعين ولا أمل لك بالأربعين .انتظر نهاية يوم آخر
انتظر

هناك تعليقان (2):

سيمون جرجي يقول...

على نولِه المُحكَمِ المترابطِ الصّور والأفكار، ينسجُ لنا الكاتبُ، صديقنا "مجنون"، قماشًا جديدًا يستلُّ خيوطَه من مكوك ثقافتِه ومعارفِه واختباراتِه المتعدّدة الغنيّة، فيلقي الضّوءَ على رجلٍ وأحلام رجلٍ وتطلّعاته ورغباته وهمساته، مثل قمرٍ ليليٍّ لا يتعبُ من إرسال نورِه المتلألئ على مسافرٍ أوغلَ في السّفرِ دون رفيق. وإن كانَ كاتبُنا يُحدّثنا بلغةٍ رمزيّةٍ من خلالِ صورٍ اقتطفها من هنا وهناك، فإنَّ هدفَه واضحٌ بيّن حينَ يذكرُ هذا الغريب باسمين يليقان بغربتِه أوّلاً وباغترابِه ثانيًا في عالمٍ لم يعد يعرف معنى الوطن!
هو هذا المتشرّد الصّعلوك الهائم على وجهِه في عوالم مختلفة، واقعه المضنى في وسط صحراء ليسَ فيها إلا شمسٌ لاهبة، وعقلٌ متمجمّد مثل صقيعِ القطبِ بلا حياة. هذا المكان الذي يَسِمُه بالضّيق، فهل ثمّة أضيق من مكانٍ لا يسع ضحكات الأطفالِ أو ظلال النّساء؟! وإن جاءتْ هذه الصّورة الواقعيّة لصحرائِه في ختام مقطوعته الغنائيّة، كلوحةٍ ثالثة، قبلَ أن يفصحَ عن غضبِه أمام انتظارٍ دائم؛ فإنّه يبتدئ أنشودته بلحنِ بلادِه، وبلمحات صباحيّة تحدّثنا عن مرح صوتِ العصافير وزقزقة الأطفال، ولطف الوردة الجوريّة ولهفة النّفس في كنف الحبيب وروائحِه ولا كأنّها روض رياحين في فردوسٍ ملائكيٍّ طاهر، بل أكثر! ولا يغفل في غمرة الذّكرى نسائمَ الصّباح، ومرورها المنساب متناغمًا على أوتار شجر الليمون، دون أن يزعجَ بانسيابِه لحنَ شجرِ التّوت "الشاميّ" وهو يبعثُ بثمارِه ناضجةً لتسقط على الأرضِ بعد صيفٍ حارٍّ طويل!
في اللوحة الثّانية يتنقّلُ المتشرّدُ بين بيتٍ دافئٍ حنون وشاطئٍ غريبٍ ببحرِه وأمواجِه وزرقةِ سمائِه، غريبٍ حتّى بطيورِه التي نسيت فنّ الطيران وأصبحت تتلهّى بممارسة التقلّب، مثل عالم المتشرّد ذاته. وليسَ أدلّ على آلامِه وثقل أحزانِه كمثل هذه اللوحة الثّانية التي يتمثّل فيها الجمالُ بالأرضِ والبحرِ والسّماءِ والطّير، بيدَ أنّه لا يرى من هذا الجمال شيئًا، ولا يسمع من معانقة الموج الشاطئَ ورفرفات طيورٍ سوى الرّماد والسّكينة، السّكينة الخرساء!
لوحاتٍ ثلاث تصوّر تشرّده، يختتمها الكاتبُ بفكرةٍ دينيّةٍ طريفة، ورقمٍ مقدّس، يقتبسهما من فصح شعبِ إسرائيل، وترحّله بين أرض مصر المُستَعبِدَة، وأرض إسرائيل الحرّة حيث اللبنِ والعسل (والخمر والزّيت)، وبين هذه الأرض وتلك صحراءُ سيناء بأعوامِها الأربعين بجوعِها وعطشها وأفاعيها الكثيرة... فهل نجدُ عندَ الكاتب المتشرّد عمودَ نارٍ في الليل، أو عمود غمامٍ في النّهار؟!

مشوار يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.